السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته, سنحاول اليوم تسليط الضوء عن مفهوم الحياة المدرسة وغاياته وخلفياته القانونية خلال أربع فقرات :
- مفهوم الحياة المدرسية
-الخلفية القانونية التي تؤطر الحياة المدرسية.
- أهمية تدبير الحياة المدرسية .
-غايات الحيات المدرسية.
مفهوم المدرسة :
المدرسة فضاء تربوي وتعليمي، وأداة للحفاظ على الهوية والتراث، ونقله من جيل إلى آخر، وأس من أسس التنمية والتطور وتقدم المجتمعات الإنسانية. بيد أن للمدرسة أدوارا فنية وجمالية وتنشيطية أخرى، إذ" تتحمل مسؤولية إعطاء التلاميذ فرصة ممارسة خبراتهم التخييلية وألعابهم الابتكارية التي تعتبر الأساس لحياة طبيعية يتمتعون فيها بالخبرة والحساسية الفنية".
مفهوم مدرسة الحياة :
نعني بمدرسة الحياة (L’école de la vie ) ربط المؤسسة التربوية أو التعليمية بالحياة العملية والمستقبلية. وقد ارتبط هذا التصور بالفلسفة الذرائعية أو الفلسفة البراجماتية مع جون ديوي ووليام جيمس. ويرتكز هذا التصور على المنفعة، والمردودية، والإنتاجية،والواقعية، وتعلم الحياة عبر الحياة، واستشراف المستقبل.
يقصد بالحياة المدرسية la vie scolaire تلك الفترة الزمنية التي يقضيها التلميذ داخل فضاء المدرسة، وهي جزء من الحياة العامة للتلميذ/ الإنسان. وهذه الحياة مرتبطة بإيقاع تعلمي وتربوي وتنشيطي متموج حسب ظروف المدرسة وتموجاتها العلائقية والمؤسساتية. وتعكس هذه الحياة المدرسية مايقع في الخارج الاجتماعي من تبادل للمعارف والقيم، وما يتحقق من تواصل سيكواجتماعي وإنساني. وتعتبر"الحياة المدرسية جزءا من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق التي تستدعي التجاوب والتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والقيم الاجتماعية والتطورات المعرفية والتكنولوجية التي يعرفها المجتمع، حيث تصبح المدرسة مجالا خاصا بالتنمية البشرية،والحياة المدرسية بهذا المعنى، تعد الفرد للتكيف مع التحولات العامة،والتعامل بإيجابية،وتعلمه أساليب الحياة الاجتماعية، وتعمق الوظيفة الاجتماعية للتربية؛ مما يعكس الأهمية القصوى لإعداد النشء، أطفالا وشبابا، لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم .
Vitali Christian: la vie scolaire
- ويمكن تعريف الحياة المدرسية كذلك بأنها الحياة التي يعيشها المتعلمون في جميع الأوقات والأماكن المدرسية (أوقات الدرس والاستراحة والإطعام، والفصول والساحة والملاعب الرياضية، ومواقع الزيارات والخرجات التربوية...)، قصد تربيتهم وتهذيبهم وتعليمهم وتأهيلهم بالأنشطة الدينية والتربوية والتكوينية المبرمجة التي تراعي الجوانب المعرفية والوجدانية والحسية- الحركية من شخصياتهم؛ مع ضمان المشاركة الفعلية والفعالة لكافة الفرقاء المعنيين (متعلمون، مدرسون، إدارة تربوية، أطر التوجيه التربوي، آباء وأمهات،شركاء المؤسسة...).وتبعا لذلك، تروم الحياة المدرسية تحقيق تربية أساسها متعددة الأبعاد والأساليب والمقاربات والمساهمين، في إطار رؤية شمولية وتوافقية بين جميع الفاعلين والمتدخلين في المنظومة التربويةعلى مستوى المؤسسة، بانفتاحها على محيطها الخارجي، باعتباره امتدادا طبيعيا لها، يساهم إلى جانبها،في التنشئة التربوية، وتحقيق المواصفات المحددة في المنهاج الدراسي في شخصية المتعلمين، وتنمية الكفايات والقيم التي تؤهلهم للاندماج الفاعل في الحياة".ومن جهة أخرى، تهدف الحياة المدرسية إلى تأهيل المتعلمين نظريا وتطبيقيا، وتزويدهم بمجموعة من الكفايات والقيم، مثل: الكفايات الإستراتيجية، والكفايات التواصلية والكفايات الثقافية، والكفايات التكنولوجية، والكفايات المنهجية، مع إعطائهم مجموعة من القيم الدينية والأخلاقية والوطنية .على حد سواء ومن هنا، فالمدرسة هي جزء مصغر من المجتمع، والحياة المدرسية أيضا إعداد للحياة المجتمعية، ومشاريع المؤسسة هي جزء من المشاريع المجتمعية. ومن ثم، فالمتعلم هو مواطن الغد.
- النصوص القانونية حول تفعيل الحياة المدرسية :
1. الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي دعا إلى تطبيق الحياة المدرسية تخطيطا وتدبيراوتقويما، منذ بداية سنوات الألفية الثالثة، ولاسيما في الدعامة التاسعة .
2. دليل الحياة المدرسية الذي صدر عن وزارة التربية الوطنية في غشت 2007 .
3. مقتضيات مرسوم النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي التي تبين وظائف المدرسة ومهامها، وتحدد مجالسها ووظائفها.
4. المخطط الاستعجالي (2009-2012)، كما يبدو ذلك واضحا وجليا في البرنامج لياالتاسع الذي يتعلق بتحسين جودة الحياة المدرسية.
5. رجعيات المناهج التربوية التي تحدد التصورات الديداكتيكية ومختلف الطرائق والمقاربات
التي يمكن الاعتماد عليها لتحصيل مردودية تربوية معتبرة.
6. المذكرات المتعلقة بتدبير الحياة المدرسية، وتبيان وسائل التفعيل والتطبيق، ومشروع المؤسسة، وتعميم خدمات الاستشارة والتوجيه .
- أهمية تدبير الحياة المدرسية :
الحياة المدرسية هي حياة نيشطة تتميز بالحرية والمواطنة والالتزام والمسؤولية والإبداع، والأخذ بفلسفة حقوق الإنسان، والمشاركة الفاعلة، والعمل في إطار الفريق للخلق والابتكار، وتحقيق التنمية الحقيقية الشاملة. و"تتحدد جوانب الحياة المدرسية في إزالة المعيقات المادية والمعنوية التي تحول بين المتعلمين والتعليم، وتوفير أحسن الظروف الميسرة للتعليم، وقيام العملية التعليمية على أساس مشاركة كل الأطراف، وتقديم الخدمات التعليمية والتربوية، بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجية، وتحقيق المساواة بين مختلف المناطق والجهات والبنيات المحلية , ويعني هذا، أن الحياة المدرسية تؤسس مجتمعا ديمقراطيا حرا، ومؤسسة مسؤولة عن صنع القرار، وتحمل المسؤولية، قصد الدخول إلى الحداثة الحقيقية، وتنمية قدرات الإنسان المغربي وأهداف هذه المدرسة المغربية الحديثة أيضا الحفاظ على حضارة الأمة المغربية والدفاع عن هويتها ومقدساتها وثوابتها الوطنية والدينية، والجمع بين الأصالة والمعاصرة كما هي دائماعند الإنسان المغربي، مع الانفتاح الإعلامي والثقافي والاجتماعي على العالم. ومن ثم،السعي من أجل تأسيس مجتمع مغربي حديث وديمقراطي، يمتلك زمام العلوم المختلفة،وناصية التكنولوجيا المتقدمة، برفع شعار التحدي في عهد العولمة الكونية، والمنافسة العلميةوالتجارية والإعلامية والتكنولوجية.
- غايات الحياة المدرسية :
• إعمال الفكر، والقدرة على الفهم والتحليل، والنقاش الحر، وإبداء الرأي، واحترام الرأي الاخر
• التربية على الممارسة الديمقراطية، وتكريس النهج الحداثي والديمقراطي.
• النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا.
• تنمية الكفايات والمهارات والقدرات لدى المتعلم لاكتساب المعارف، وبناء المشاريع
الشخصية.
• تكريس المظاهر السلوكية الإيجابية، والاعتناء بالنظافة ولياقة الهندام، وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية.
• جعل المدرسة فضاء خصبا، يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية، واكتساب المواهب في مختلف المجالات.
• الرغبة في الحياة المدرسية، والإقبال على المشاركة في مختلف أنشطتها اليومية بتلقائية.
• جعل الحياة المدرسية بصفة عامة، والعمل اليومي للتلميذ بصفة خاصة، مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد.
• استمتاع المتعلم بحياة التلمذة، وحقه في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والشباب، بالمشاركة الفعالة والدينامية في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها.
الاعتناء بكل فضاءات المؤسسة التربوية، وجعلها قطبا جذابا، وفضاء مريحا.